بعد ۏفاة السيده فاطمه
بعد ۏفاة السيدة فاطمة بنت سيدنا وحبيبنا محمد رسول الله صل الله عليه وسلم ، تزوج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه وارضاه- بخولة بنت جعفر بن قيس الحنفية ( من بني حنيفة ) فولدت له ولداً سمّاه ( محمداً ) ، فهو ( محمد بن علي بن أبي طالب ) غير أنَّ الناسَ أرادوا التفريقَ بينه وبين ذرية فاطمة - رضي الله عنها - فسموه ( محمد بن الحنفية )
ونشأ محمدُ بن الحنفية نشأةَ أبيه فروسيةً وبطولةً وشدةًوحكمة ، فكان أبوه يُقحِمه في الشدائد والمعارك
فقال له بعضهم يوماً :
لِمَ يُقحمك أبوك في مواطن لا يُقحم فيها أخويك الحسن والحسين ؟
فكان جوابه عجباً من الفصاحة الهاشمية ، قال :
فتأمل كيف تجاوز حظ نفسه ، وكيف فضّل أخويه ، وكيف التمس العذر لأبيه ، وكيف لم يسقط في فخ النميمة ، وتأمل عبارته وإيجازها وإعجازها
ووقع بينه وبين أخيه الحسن خلافٌ ، فكتب إليه :
( أما بعد ، فإنّ اللهَ تعالى فضّلك عليّ ، فأمك فاطمة بنت رسول الله صل الله عليه وآله وسلَّم ، وأمي امرأة من بني حنيفة ، وجدك لأمك رسول الله ، وصفوة خلقه ، وجدي لأمي جعفر بن قيس ، فإذا جاءك كتابي هذا فتعال إليّ وصالحني حتى يكون لك الفضل علي في كل شيء )
سبحان الله ، ذرية بعضها من بعض ، وعجبٌ في التربية ، فقد كان فَطِناً إلى درجة أن جعل الفضلَ كلَّه لأخيه ، ولم يبادر هو إلى مصالحة أخيه حتى لا يكون له الفضلُ عليه ، وأعطاه فرصةً لذلك ، ونبّههُ على فضل السبق ، وأدبه هذا ليس مجرد أدب الأخ مع أخيه الأكبر بل هو أكثر من ذلك بكثير راقت لي
فليتنا نأخذ قبساً من هذا الطهر والتربية النبوية
رضي الله عنه وعن إخوته وكل آله الأطهار والصحابة الأبرار ، ما تعاقب الليل والنهار.