( أكلها أنا حتى لا تأكلها أنت )
انت في الصفحة 2 من صفحتين
رؤيتنا ونحن ناكل أفضل جزء منها أمامه .
كانت فرحته الغامرة وهو يشاهدنا ونحن نحصل على أفضل وأنقى وأجود ما كان يقدمه إلينا في لحظتها
وتساءلت حينها والدموع في عيني :
يا هل ترى، كم من مانجا قدمها لنا أبي واكتفى هو بمجرد قشورها ؟!
وأنا هنا لا أقصد تلك الفاكهة بذاتها، ولكن أقصد كل ما ترمز له في هذه الحياة !!
فالمانجا قد تكون ملبساً، أو بيتاً، أو فراش، أو نوماً مريحاً، أو تعليماً، وقد تكون أيضاً لمسة حنان على الكتف، أو قبلة على الوجه، أو مسح دمعة من على الخد !!
(( والله، مانجا الأهل لا حدود لها، ولا يمكن لأحد أن يقيِّم سعرها ))
- أنظر إلى من حولي لأجد أبناء لا يقدرون أهلهم حق القدر، ولا يوفون حقهم، وكأن وظيفة الأهل في هذه الحياة هي في اختلاق الذرائع التي من شأنها أن تكدر صفو حياتهم
- أرى أبناء قد تملكهم الغرور حتى حسبوا أنهم يفوقون أهلهم علماً وفكراً ومنطق
- أرى أبناء يقدسون كلمة الزوجة في مقابل دموع الأم أو الأب
- أرى أبناء يهجرون أهلهم في ديار رعاية بعيدة ويتركونهم لرحمة الغرباء
- أرى أبناء قد يقاطعون أهلهم سنيناً طويلة
- أرى أبناء يتمنون زوال أهلهم من هذه الدنيا عاجلاً ليس آجل من أجل أن يرثونهم
- أرى كل ذلك وفي نفسي لو كان الأمر بيدي، لدفعت عمري كله ثمناً حتى يعود بي الزمن لأجلس مع أبي يوماً واحداً أسبقه حينما يحضر فاكهة المانجا، لالتهم قشورها بدلاً عنه ليتبقى له فقط أفضل ما فيها .
حتى اذا سألني لماذا أحب أكل قشور المانجا ؟
فأقول له :
( أكلها أنا حتى لا تأكلها أنت )
إهداء الى كل من مازال أباه على قيد الحياة، عسى أن تجد الى قلبه دليلاً
اللهم اغفر وارحم آبائنا وأمهاتنا واجعلهم من أهل الفردوس الأعلى برحمتك يا أرحم الراحمين
اللهم ألبس لباس الصحة والعافية كل من هم على قيد الحياة من الآباء والأمهات
واعفوا عنهم ولا تقبضهم إلا وأنت راض عنهم يا سميع يا عليم .